فصل: قال الشنقيطي في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقد أخرج أحمد، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: نحروا يوم الحديبية سبعين بدنة، فلما صدّت عن البيت حنّت كما تحنّ إلى أولادها.
وأخرج الحسن بن سفيان، وأبو يعلى، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن قانع، والباوردي، والطبراني، وابن مردويه.
قال السيوطي: بسند جيد عن أبي جمعة حنيذ بن سبع قال: قاتلت رسول الله صلى الله عليه وسلم أوّل النهار كافرًا، وقابلت معه آخر النهار مسلمًا وفينا نزلت: {وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مؤمنات} وكنا تسعة نفر سبعة رجال وامرأتان، وفي رواية عند ابن أبي حاتم: كنا ثلاثة رجال وتسع نسوة.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عباس {لَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مؤمنات لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ} قال: حين ردّوا النبي صلى الله عليه وسلم {أَن تَطَئُوهُمْ} بقتلكم إياهم {لَوْ تَزَيَّلُواْ} يقول: لو تزيّل الكفار من المؤمنين لعذبهم الله عذابًا أليمًا بقتلكم إياهم.
وأخرج البخاري، ومسلم، وغيرهما عن سهل بن حنيف أنه قال يوم صفين: اتهموا أنفسكم، فلقد رأيتنا يوم الحديبية، يعني: الصلح الذي كان بين النبي صلى الله عليه وسلم، وبين المشركين، ولو نرى قتالًا لقاتلنا، فجاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ألسنا على الحق، وهم على الباطل؟ أليس قتلانا في الجنة، وقتلاهم في النار؟ قال: «بلى». قال: ففيم نعطي الدنية في ديننا، ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم؟ قال: «يا ابن الخطاب إني رسول الله، ولن يضيعني الله أبدًا»، فرجع متغيظًا، فلم يصبر حتى جاء أبا بكر، فقال: يا أبا بكر ألسنا على الحق، وهم على الباطل؟ قال: بلى، قال: أليس قتلانا في الجنة، وقتلاهم في النار؟ قال: بلى، قال: ففيم نعطي الدنية في ديننا؟ قال: يا ابن الخطاب إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولن يضيعه الله أبدًا، فنزلت سورة الفتح، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمر، فأقرأه إياها، قال: يا رسول الله أفتح هو؟ قال: «نعم».
وأخرج الترمذي، وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند، وابن جرير، والدارقطني في الأفراد، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات عن أُبيّ بن كعب، عن النبي صلى الله عليه وسلم: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التقوى} قال: «لا إله إلاّ الله» وفي إسناده الحسن بن قزعة، قال الترمذي بعد إخراجه: حديث غريب لا نعرفه إلاّ من حديثه، وكذا قال أبو زرعة.
وأخرج ابن مردويه عن سلمة بن الأكوع مرفوعًا مثله.
وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، والبيهقي في الأسماء والصفات عن عليّ بن أبي طالب مثله من قوله.
وأخرج أحمد، وابن حبان، والحاكم من قول عمر بن الخطاب نحوه.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس نحوه.
وأخرج ابن أبي حاتم، والدارقطني في الأفراد عن المسور بن مخرمة، ومروان نحوه، وروي عن جماعة من التابعين نحو ذلك.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس: {لَّقَدْ صَدَقَ الله رَسُولَهُ الرؤيا بالحق} قال: هو دخول محمد البيت، والمؤمنين محلقين ومقصرين، وقد ورد في الدعاء للمحلقين والمقصرين في الصحيحين، وغيرهما أحاديث منها ما قدّمنا الإشارة إليه، وهو في الصحيحين من حديث ابن عمر، وفيهما من حديث أبي هريرة أيضًا.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس في قوله: {سيماهم في وُجُوهِهِمْ} قال: أما إنه ليس الذي يرونه، ولكنه سيما الإسلام، وسمته وخشوعه.
وأخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في سننه عن ابن عباس في الآية قال: هو السمت الحسن.
وأخرج الطبراني في الأوسط والصغير، وابن مردويه، قال السيوطي: بسند حسن عن أُبيّ بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: {سيماهم في وُجُوهِهِمْ مّنْ أَثَرِ السجود} قال: «النور يوم القيامة» وأخرج البخاري في تاريخه، وابن نصر عن ابن عباس في الآية قال: بياض يغشى وجوههم يوم القيامة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه عن ابن عباس {ذَلِكَ مَثَلُهُمْ في التوراة} يعني: نعتهم مكتوب في التوراة والإنجيل قبل أن يخلق الله السموات والأرض.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أنس {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ} قال: نباته: فروخه. اهـ.

.قال الشنقيطي في الآيات السابقة:

قوله تعالى: {فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين}.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه أنزل السكينة على رسوله وعلى المؤمنين. والسكينة تشمل الطمأنينة والسكون إلى الحق والثبات والشجاعة عند البأس.
وقد ذكر جل وعلا إنزاله السيكينة على رسوله وعلى المؤمنين في براءة في قوله تعالى: {ثُمَّ أَنَزلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين} [التوبة: 26] وذكر إنزال سكينته على رسوله في قوله في براءة: {إِذْ يَقول لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ الله مَعَنَا فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ} [التوبة: 40] الآية.
وذكر إنزاله سكينته على المؤمنين في قوله: {فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأنزَلَ السكينة عَلَيْهِمْ} [الفتح: 18] الآية.
وهذه الآيات كلها لم يبين فيها موضع إنزال السكينة، وقد بين في هذه السورة الكريمة أن محل إنزال السكينة هو القلوب، وذلك في قوله: {هُوَ الذي أَنزَلَ السكينة فِي قُلُوبِ المؤمنين} [الفتح: 4] الآية.
قوله تعالى: {هُوَ الذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بالهدى وَدِينِ الحق لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدين كُلِّهِ}.
ما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة ذكره في سورة التوبة وسورة الصف وزاد فيهما أنه فاعل ذلك، ولو كان المشركون يكرهونه، فقال في الموضعين {هُوَ الذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بالهدى وَدِينِ الحق لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدين كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المشركون} [التوبة: 33].
قوله تعالى: {وَمَثَلُهُمْ فِي الإنجيل كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فاستغلظ فاستوى على سُوقِهِ يُعْجِبُ الزراع}.
قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة المائدة في الكلام على قوله تعالى: {فَسَوْفَ يَأْتِي الله بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المؤمنين أَعِزَّةٍ عَلَى الكافرين} [المائدة: 54].
قوله تعالى: {مَثَلُهُمْ فِي التوراة وَمَثَلُهُمْ فِي الإنجيل كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فاستغلظ فاستوى على سُوقِهِ يُعْجِبُ الزراع}.
قرأ هذا الحرف ابن كثير وابن ذكوان وابن عامر {شطأه} بفتح الطاء، والباقون من السبعة بسكون الطاء.
وقرأ عامة السبعة غير ابن ذكوان: {فآزره} بألف بعد الهمزة.
وقرأه ابن ذكوان عن عامر {فأزره} بلا ألف بعد الهمزة مجردًا.
وقرأ عامة السبعة غير قنبل {على سوقه} بواو ساكنة بعد السين.
وقرأه قنبل عن ابن كثير بهمزة ساكنة بدلًا من الواو وعنه ضم الهمزة بعد السين بعدها واو ساكنة.
وهذه الآية الكريمة قد بين الله فيها أنه ضرب المثل في الإنجيل للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بأنهم كالزرع يظهر في أول نباته رقيقًا ضعيفًا متفرقًا، ثم ينبت بعضه حول بعض، ويغلظ ويتكامل حتى يقوى ويشتد وتعجب جودته أصحاب الزراعة، العارفين بها، فكذلك النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا في أول الإسلام في قولة وضعف ثم لم يزالوا يكثرون ويزدادون قوة حتى بلغوا ما بلغوا.
وقوله تعالى: {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَه} أي فراخه فنبت في جوانبه. وقوله: {فَآزَرَه} على قراءة الجمهور من المؤازرة، بمعنى المعاونة والتقوية، وقال بعض العلماء: {فَآزَرَه} أي ساواه في الطول، وبكل واحد من المعنيين فسر قول امرئ القيس:
بمحنية قد آزر الصال نبتها ** مجر جيوش غانمين وخيب

وأما على قراءة ابن ذكوان {فَآزَرَه} بلا ألف، فالمعنى شد أزره أي قواه.
ومنه قوله تعالى عن موسى {واجعل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشدد بِهِ أَزْرِي} [طه: 29- 31] الآية. وقوله، {فاستغلظ} أي صار ذلك الزرع غليظًا بعد أن كان رقيقًا، وقوله: {فاستوى} أي استتم وتكامل على سوقه أي على قصبه.
وما تضمنته الآية الكريمة من المثل المذكور في الإنجيل المضروب للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بأنهم يكونون في مبدأ أمرهم في قوله وضعف، ثم بعد ذلك يكثرون ويقوون. جاء موضحًا في آيات من كتاب الله تعالى كقوله: {واذكروا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأرض تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ الناس فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ} [الأنفال: 26] الآية. وقوله تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ الله بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ} [آل عمران: 123] وقوله تعالى: {اليوم يَئِسَ الذين كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ واخشون} [المائدة: 3] الآية. إلى غير ذلك من الآيات. اهـ.

.فصل في ذكر أسماء النبي صلى الله عليه وسلم:

قال المقريزي:
فصل في ذكر أسمائه صلى الله عليه وسلم:
اعلم أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم عدة أسماء: منها ما سماه الله- عزل وجل- به في القرآن الكريم، ومنها ما سمي به رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه، وقد سمّي بعدة أسماء كثيرة.
فذكر الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن وهبة بن عساكر- رحمه الله- عشرين اسما.
وذكر الحافظ أبو الفرح عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي- رحمه الله- ثلاثة وعشرين اسما وقال الحافظ أبو الخطاب عمر بن حسن بن دحية- رحمه الله- ثلاثمائة اسم في كتابه (المستوفي في أسماء المصطفى) وقال: أنه إذا فحص عن جملتها من الكتب المتقدمة والقرآن العظيم والحديث النبوي بلغت ثلاثمائة اسم.
وذكر أبو الحسن علي بن أحمد بن الحسن الحرالّي تسعة وتسعين اسما.
وذكر القاضي أبو بكر محمد بن عبد الله بن العربيّ المعافري في شرح جامع الترمذي عن بعض الصوفية: أن للَّه تعالى ألف اسم، وللنّبيّ صلى الله عليه وسلم ألف اسم، عرف منها أربعة وستون اسما فذكرها.
وأشهر أسمائه صلى الله عليه وسلم (محمد) و(أحمد)، وهما اسمان من أسماء الأعلام التي يراد بها التمييز بين الأشخاص، وكل منهما ومن بقية أسمائه يشتمل على معنى من معاني الفضل.
ومن تأمل علم أنه ليس من أسماء الناس اسم يجمع من معاني صفات الحمد ما يجمعه هذان الاسمان، فأحمد اسم منقول من صفة لأفعل، وتلك الصفة- أفعل- التي يراد بها التفضيل، فمعنى أحمد: أي أحمد الحامدين لربه.
والأنبياء عليهم السلام كلهم حامدون للَّه تعالى، إلا أن نبينا صلى الله عليه وسلم أكثرهم حمدا، فيكون هو الأحق بالحمد، ومحمد هو البليغ في الحمد، فمن سمّي بهذين الاسمين فقد سمّي بأجمع الأسماء لمعاني الفضل.
يقال رجل محمد ومحمود، إذا كثرت خصاله المحمودة، ومعنى الاسمين واحد، فإنّ وصف الشخص بأنه أحق بالحمد مبالغة في حمده، والمبالغة في حمده تقدير له في الحمد على من لا يبالغ في حمده، فأحمد على هذا هو محمد، ومحمد أحمد.
وقد ذكر الله جل جلاله هذين في كتابه فقال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله} [48: 29]، وقال: {وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ من قَبْلِهِ الرُّسُلُ} [3: 144]، وقال: {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي من بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [61: 6].
وخرّج الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري- رحمه الله- في صحيحه من حديث سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا تعجبون كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم؟ يشتمون مذمما، ويلعنون مذمما، وأنا محمد». وخرّج النسائي أيضا، وذكر أبو الربيع بن سالم أنه روي عن عبد المطلب إنما سماه صلى الله عليه وسلم محمدا لرؤيا رآها، زعموا أنه رأى في منامه سلسلة من فضة خرجت من ظهره لها طرف في السماء وطرف في الأرض، وطرف المشرق وطرف في المغرب، ثم عادت كأنها شجرة على كل ورقة منها في نور وإذا أهل المشرق والمغرب يتعلقون بها فقصها. فعبّرت له بمولود يكون من صلبه يتبعه أهل المشرق والمغرب، ويحمده أهل السماء والأرض، فلذلك سماه محمدا، مع ما حدثته آمنة به.
وقال أبو القاسم السهيليّ: لا يعرف في العرب من تسمى بهذا الاسم قبله صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة طمع آباؤهم حيث سمعوا بذكر محمد وبقرب زمانه وأنه يبعث بالحجاز، أن يكون ولدا لهم، ذكرهم ابن فورك في كتاب الفصول، وهم: محمد ابن سفيان بن مجاشع جد الفرزدق الشاعر، والآخر: محمد بن أحيحة بن الجلاح ابن الحريش بن جمحي بن كلفة بن عوف بن عمرو بن مالك بن الأوس، والآخر: محمد بن حمران بن ربيعة.
وكان آباؤهم الثلاثة قد وفدوا على بعض الملوك، وكان عنده علم من الكتاب الأول، فأخبرهم بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم وباسمه، وكان كل واحد منهم قد خلّف امرأته حاملا، فنذر كل واحد منهم: إن ولد له ذكر أن يسميه محمدا، ففعلوا ذلك.
وذكر القاضي عياض: من تسمي بمحمد في الجاهلية فبلغوا ستة، ثم قال في هذين الاسمين من عجائب خصائصه وبدائع آياته شيء آخر، هو أن الله جلّ اسمه حمى أن يسمّى بهما أحد قبل زمانه، أما أحمد الّذي أتى في الكتاب وبشرت به الأنبياء. فمنع الله تعالى بحكمته أن يسمّى به أحد غيره، ولا يدعى به مدعو قبله، حتى لا يدخل لبس على ضعيف القلب، أو شك.
وكذلك محمد أيضا لم يسمّ به أحد من العرب ولا غيرهم إلى أن شاع قبيل وجوده صلى الله عليه وسلم وميلاده، أن نبيا يبعث اسمه محمد، فسمّى قوم قليل من العرب أبناءهم بذلك، رجاء أن يكون أحدهم هو، والله أعلم حيث يجعل رسالته، وهم: محمد بن أحيحة بن الجلاح الأوسي، ومحمد بن مسلمة الأنصاري، ومحمد بن برّاء البكري، ومحمد بن سفيان بن مجاشع، ومحمد بن حمران الجعفي، ومحمد ابن خزاعيّ السلمي، لا سابع لهم.
ويقال: أول من سمى محمدا، محمد بن سفيان، واليمن تقول: بل محمد ابن اليحمد من الأزد، ثم حمى الله كل من تسمى به أن يدّعي النبوة، أو يدعيها أحد له، أو يظهر عليه سبب يشك أحدا في أمره حتى تحققت السمتان له صلى الله عليه وسلم ولم ينازع فيهما.
قال كاتبه. وذكر محمد بن مسلمة الأنصاري فيهم، فيه نظر من حيث أنه ولد بعد ولادة النبي صلى الله عليه وسلم بنحو عشر سنين، ولكنه صحيح من حيث أنه لم تكن النبوة ظهرت- والله أعلم.
وذكر ابن سعد فيهم: محمد الجشمي في بني سراة، ومحمد الأسيدي، ومحمد الفقيمي.
وقال أبو العباس المبرد: فتش المفتشون فما وجدوا بعد نبينا صلى الله عليه وسلم من اسمه أحمد قبل أبي الخليل بن أحمد.